ظمت جمعية أصدقاء البيئة بالتعاون مع المجلس الأعلى للبيئة ورشة تدريبية في كيفية الحفاظ على السلاحف البحرية وذلك في مقر جمعية الصيادين المحترفين بفرضة المحرق . وقد تضمنت الورشة مهارات وقواعد واحتياجات إنقاذ السلاحف البحرية ، والتعرف على السلاحف البحرية وأصنافها والتمييز بينها ، ودورة حياة السلحفاة البحرية ، وحساسية المراحل المختلفة من حياتها بالنسبة لجهود المحافظة عليها ، وأنواع الموائل الإيكولوجية التي تحتاجها السلاحف البحرية لمعيشتها وبقائها ، وكذلك تشريح السلاحف النافقة واستخراج أجهزتها الداخلية والاستنتاجات التي من الممكن الوصول لها من خلال فحص تلك الأجهزة ، كما غطت الورشة التعرف على للموائل البحرية حول مياه مملكة البحرين وأهميتها بالنسبة للحفاظ على كائنات بحرية أخرى مهمة بيئيا ومنها زواحف بحرية أخرى كالثعابين البحرية والثدييات البحرية والتي تشمل الأطوم أو عرائس البحر والدلافين . كما تطرقت الورشة إلى التدريب على جمع البيانات وعمل دراسات مفيدة للحفاظ على السلاحف البحرية والأمور التي من المهم مراعاتها في عمليات انتشال السلاحف البحرية من البحر وإعادتها إليه من جديد. وقد شارك في هذه الورشة التدريبة أعضاء الفريق البحريني إضافة إلى ثلاثين متدرباً من جهات أخرى مثل الصيادين والمتطوعين البيئيين بالاضافة الى أساتذة الجامعات والعاملين في جهات حكومية معنية بالحفاظ على الحياة الفطرية وعدد من المهتمين بالشأن البحري والسلاحف. أدار الورشة التدريبية الدكتورة خولة المهندي رئيسة جمعية أصدقاء البيئة ، وقائدة الفريق البحريني لإنقاذ السلاحف البحرية ، والمنسق العام للتكتل البيئي للدفاع عن فشت العظم ، وعضوة المجموعة المتخصصة في السلاحف البحرية في مذكرة التفاهم حول حماية السلاحف البحرية في المحيط الهندي المتخصصة في مجال المحافظة على البيئة والمحميات الطبيعية والسياحة البيئية ، ومن خارج مملكة البحرين شارك في التدريب الخبير العالمي الدكتور جيفري ميللر باحث بيولوجي ومستشار تعليمي في مجال السلاحف البحرية من الولايات المتحدة الأمريكية ، وعضو اللجنة الاستشارية لمذكرة التفاهم حول السلاحف البحرية في المحيط الهندي لجنوب شرق آسيا. ويعد الدكتور جيفري ميللر أحد أهم الخبراء في هذا المجال ولديه أبحاث مركزة حول أعداد السلاحف البحرية وإيكولوجية التكاثر لديها ، وقام بأبحاث مهمة جداً في شمال الخليج العربي لازالت تعد مرجعاً للباحثين حول السلاحف في المنطقة. كما قدم الدكتور عبدالجليل زينل عضو المجلس الاستشاري بجمعية أصدقاء البيئة والرئيس التنفيذي السابق لجيومتك التي أصدرت أطلس البحرين البحري، والدكتور إبراهيم عبدالقادر مستشار وباحث في الموارد السمكية ، والدكتور إيهاب طارق المستشار القانوني للمجلس الأعلى للبيئة ، والدكتور محمد الرميض أستاذ علوم الأحياء وعلوم المحيطات بكلية العلوم بجامعة البحرين والدكتور فؤاد أبوسمرة خبير المياه والبيئة في برنامج الامم المتحدة للبيئة لمنطقة غرب آسيا عدد من المحاضرات التخصصية في أيام الورشة المختلفة .
وحققت الورشة التدريبية الوطنية أهدافاً جيدة ومن أهمها زيادة معرفة المشاركين بالسلاحف البحرية ودورة حياتها وأهميتها البيئية والمخاطر التي تهددها ، وبالتالي المواضع التي من الممكن تطويرها للحفاظ على السلاحف البحرية ، وأيضاً الثديات البحرية ، كما قربت الورشة خلال أيامها الأربعة بين اللاعبين المختلفين المؤثرين في البيئة البحرية مثل الصيادين والمتطوعين البيئيين والباحثين والموظفين الحكوميين. كما عرضت الورشة التدريبية مجالات جيدة للتعاون بينهم في عمل دراسات تسهم في التعرف على وضع السلاحف البحرية وفق البروتوكولات العالمية الخاصة بذلك، وبالتالي نشرها والإسهام في الجهود العالمية للحفاظ على السلاحف البحرية. كما أن الورشة خصصت ربع مدتها لتقوية قدرات البياطرة في الفريق الوطني لإنقاذ السلاحف البحرية على التعامل مع السلاحف المصابة والمريضة ، ولعل من أهم الإنجازات هو زيادة وعي الجمهور بأهمية اسعاف السلاحف البحرية حين العثور عليها. وأثنت الورشة التدريبية على التعاون والدعم الدائم من المجلس الأعلى للبيئة برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن حمد ال خليفة الممثل الشخصي لجلالة الملك حفظه الله والذي يأتي ضمن المشروع الإصلاحي للملك المفدى حفظه الله والذي كانت من أهم بوادره تعيين رئيسة جمعية أصدقاء البيئة عضواً في المجلس الأعلى للبيئة إلى جانب الوزاراء المعنيين ترسيخاً لمبدأ الشراكة مع المجتمع المدني وأهمية التعامل مع هذا القطاع الهام كعمود من الأعمدة الأساسية للتنمية المستدامة والحفاظ على التنوع الحيوي والبيئة في مملكة البحرين. وخلصت الورشة التدريبة بمطلب إنشاء مركز وطني للإنقاذ البحري يخدم ثلاثة أهداف منها : إنقاذ الثدييات والسلاحف البحرية المصابة والمريضة ، وتعليم وتوعية الجمهور حول هذه الكائنات المعرضة للإنقراض ، وعمل دراسات وأبحاث علمية حول حالة المياه وحول هذه الكائنات المهمة عالمياً ما يضع البحرين ضمن الدول التي تسهم في الجهود العالمية لحماية كائنات حية مهمة معرضة للإنقراض عالمياً. الجدير بالذكر ان السلاحف البحرية والأطوم (عرائس البحر) تعد من الكائنات الحية المعرضة للإنقراض عالمياً بسبب تهديد تعرضها للاصطياد المقصود أو العرضي ، وكذلك بسبب فقدان موائلها الطبيعية مع زيادة الرقعة العمرانية على حساب السواحل أو بسبب الكوارث الطبيعية أو التي هي من صنع الإنسان. وبينما تعد سلاحف وأطوم الخليج العربي محمية من مخاطر كثيرة إلا أنها عانت من آثار سلبية مباشرة وغير مباشرة ، وعدم توفر الكثير من المعلومات حول الوضع القائم للمجموعات التي تعيش في مياه الخليج العربي لتحديد ما إذا كانت أعدادها آمنة وصحية أم لا ، علما إن مياه البحرين تساهم في الحفاظ على حياة الأطوم وأنواع من السلاحف البحرية من خلال توفير الموائل البحرية الضرورية لحياتها كالحشائش البحرية والشعاب المرجانية، لذلك فمن واجب جميع المعنيين بالمحافظة على السلاحف والثدييات البحرية السعي إلى تقليل آثار المخاطر عليها ، ويشمل ذلك الجهات الحكومية والمنظمات الأهلية والصيادين.
ومن المعروف من خلال أبحاث أعدت سابقا أن الأطوم تعيش طوال العام في بحار البحرين، فضلاً عن التي تهاجر إليها في الشتاء ، وتعتمد الأطوم في غذائها على الحشائش البحرية القاعية الصحية للحصول على الغذاء في مرحلة نموها إلى البلوغ أو التكاثر ، حيث سجلت مشاهدات عديدة لها حول جزر البحرين. ومع أن الوضع العام يوحي أنها آمنة إلا أنه وحتى في البحرين تتعرض الأطوم للمخاطر من الأنشطة البشرية حيث تحتاج للصعود فوق سطح البحر للتنفس كل بضع دقائق مما يجعلها عرضة لضربات القوارب السريعة والتلوث فضلاً عن الوقوع في شباك الصيادين ، علما أن الكثير منها يعيش في مياه الخليج العربي وقريب من المياه الإقليمية للبحرين، وهناك عدد من أنواع السلاحف البحرية المعرضة للإنقراض يعيش كل منها في منطقته الخاصة ، إلا أنها تشاهد أحياناً قريباً من بعضها البعض ، فبينما تعيش السلاحف الخضراء على سبيل المثال في مناطق الحشائش البحرية التي تتغذى عليها مثل الأطوم ، فإن نوع سلاحف المنقار الصقري تعيش حول الشعاب المرجانية والقيعان الصخرية، إلا أن ذلك لا يعني أن الأخيرة لا تمر على مناطق الحشائش البحرية ، أو أن الأولى لا تبحث عن الحشائش والطحالب البحرية بين الشعاب المرجانية الصخرية. ويتراوح طول الصدفة لدى السلاحف البحرية المتواجدة في بحار البحرين بين أقل من 25 سم إلى أكثر من 100 سم ، ما يعني أن البحرين توفر موائل بحرية للسلاحف في مراحل مختلفة من دورة حياتها ، والتي قد تبدأ من صغار فقست من بيوض دفنت على سواحل سلطنة عمان أو مناطق أخرى حول الخليج العربي ثم وصلت إلى مياه البحرين لتمكث هناك في سنوات مهمة من حياتها، ما يزيد من أهمية مياه البحرين للحفاظ على هذه الأنواع المعرضة للإنقراض.